د. زكريا ابراهيم يكتب.. تداعيات فيروسات النمبر وان
خلال عملى فى المحاماة واجهت العديد من قضايا الإصابات التى يتسبب فيها البلطجية والتى فوجئت أن بعض القضايا المتهمين أو الجناة تحت سن الثامنة عشرة وكونوا تشكيلات للبلطجة وفرض السيطرة وترويع المواطنين.. صور بالأسلحة البيضاء والنارية يتباهون بها ويهددون من يقف أمامهم.. إحدى تلك القضايا فى أحد المدن الجديدة المعروفة بمدى رقيها وتقدمها وارتفاع عناصر الأمان بها.
فجأة تصبح مرتعًا لتشكيل اجرامى مكون من شباب تحت الثامنة عشرة مكونين عصابة للبلطجة وفرض السيطرة وترويع الآمنين وآخر جرائمهم المعروفة الإعتداء على شاب بسلاح أبيض واحداث إصابة تطلبت اثنتا عشرة غرزة جراحية بظهر طالب جامعى وأخيه وسرقة أخيه الصغير والهرب من محل الواقعة.. ولا تجد فيديو للواقعة بسبب خوف أصحاب المحال والكافيهات من تلك العصابة.
أما الحادث الثانى الذى لفت نظرى هو قيام أحد البلطجية المدمنين فى أحد المناطق الشعبية بإعادة تمثيل مشهد من (مسلسل الأسطورة) بشكل آخر من خلال محاولة الاعتداء على أصحاب المنزل الذى كان يقيم به حيث قام بإحضار قميص نوم أحمر لإلباسه لمن يتجرأ على الوقوف بوجهه ومهددًا بإستعمال فرد خرطوش اعتاد الحركة به وتشكيلة من السلاح الأبيض فى حقيبة ظهر.. ووقف ليلًا ليسب الناس فى الشارع ويسب من حاولوا نصحه أو حتى إيقافه وتهديد كل من يحاول الابلاغ عنه.. حتى أن أبوه سبق وأبلغ عنه مما جعله يهرب من سكنه الا أنه عاد ليلًا لتهديد جميع المقيمين بالشارع مستخدمًا أو مستوحيًا من ڤيروس النمبر وان.. والذى تم إعداده فى معامل السبكى لجزارة الاخلاق والاذواق والعقول ليصبح لدينا الآن العديد من نماذج النمبر وان فى كل شارع ومنطقة.. بل ولم يعد قاصرًا على المناطق الشعبية بل امتد إلى الأحياء الراقية وحتى المدن الجديدة.
الشرطة قد قامت بإتخاذ اللازم تجاه كل تلك الحوادث وبذل مجهود حقيقي فى التعامل مع تلك النوعيات وضبطها والعمل على أن تصل يد الشرطة العليا إلى فرض الأمن والأمان وإشعار المواطن بذلك مشكورين على تضحياتهم بحياتهم الاجتماعية وراحتهم بل وحياتهم نفسها فى الكثير من الأحيان ولكن..
ماذا عن دورنا نحن كمواطنين فى مساعدة الشرطة بدلا من أن نظل نشكو ونقول أين الرقابة وأين وأين.. لماذا نصعب الأمور أكثر عليهم بدعوى البعد عن الشر حتى يصيبنا أو يصيب اولادنا ذلك الشر؟!، بقدر ما أنا سعيد بإتخاذ إجراءات تجاه هؤلاء المصابين بذلك الڤيروس إلا أننى كما قلت مصابين بڤيروس يجب القضاء عليه فى البداية هو وكل من يشبهه من ڤيروسات مثل المهرجانات التى اكتفى السيد نقيب الموسيقيين فقط بتغيير مسماها والإبقاء على أصل الڤيروس وتواجد تلك النوعية من الڤيروسات فقط..
كنت أبلغ الواحد والثلاثون من العمر ومتزوج وكنت أخبئ علبة سجائرى وأنا أدخل منزلنا لأبى رحمة الله عليه ولم يشاهدنى امسك بسيجارة أمامه حتى وفاته رغم علمه طبعًا بأنى مدخن ولكن الاحترام والهيبة وتربية ذلك الأب كانت نقشا كنقوش الفراعنة لا يمحوها الزمن لا تغيرها العوامل المحيطة.. تعلمت احترام الكبير والدفاع عن الصغير مهما كان ما سيحدث لى من مشاكل.. تعلمت ألا أترك حقًا لى مهما يحدث كما وقف هو وزملائه من ١٩٦٨ حتى ١٩٧٥ بعد أن أخذوا حقنا وحق كل من ظلم وقتل فى النكسة واستعادوا الأرض.
نحن نحتاج لوقفة مع أنفسنا وأولادنا.. نحتاج الا نترك تربية الأبناء لشبكات التواصل الاجتماعى والانترنت.. نحتاج أن نحكى لهم عن ظروف ومتاعب ذلك البلد وما واجهناه وواجهه آبائنا لتكون مصر كما هى الآن.. حزنت عندما سألت بعض الطلبة فوق سن العاشرة هل تعلمون لماذا تأخذون إجازة يوم السادس من أكتوبر كل عام ولماذا نحتفل لتفاجئنى الإجابات وتصيبنى بالحزن فى ذات الوقت.. مازلت حتى اليوم اذكر عندما كان مدرسوا الرسم يطلبون منا فى ذلك اليوم رسم لوحة تعبر عن نصر أكتوبر العظيم ونحن فى الصف الثانى الابتدائى وكل عام فى ذات اليوم نفس الطلب من مدرس الرسم حتى الصف الثالث الإعدادى.. نحتاج لرقابة أكثر على الأبناء لنحميهم من الإصابة بتلك الڤيروسات.. نحتاج لقرارات حازمة والضرب بيد من فولاذ على يد كل مصابى ڤيروس النمبر وان وأشكاله المتعددة.
اعتذر بالطبع عن بشاعة بعض الصور والتى جمعتها لضحايا العديد من نسخ ڤيروسات نمبر وان كثيرة منها قضايا أغلقت ومنها ما هو رهن التحقيق.
