محمد عبدالقدوس يكتب: قضية غريبة (أجاد التمثيل.. فانكشف أمره!!)
توفي والد رئيس النيابة منذ مدة طويلة ، ومع ذلك لم يفارقه الحزن ، وأصر على إرتداء رابطة العنق السوداء حداداً عليه رغم مرور سنوات على مفارقته للدنيا !
وصدق أو لا تصدق .. ساعده هذا الحزن في الكشف عن جريمة غامضة.
وكان المستشار "عادل الشوربجي" وقتها مسئولا عن نيابة "الدقي" عندما تلقى بلاغاً من أبن عن مقتل والده برصاصة طائشة أثناء عودته إلى منزله بعد منتصف الليل.
وبدأ المحقق في البحث عن خبايا هذا الحادث ، وكله تعاطف مع هذا الشاب الذي فقد أبيه ، فهو قد إكتوى بهذا الفراق في حياته الشخصية ، ويعرف مدى اللوعة التي تصيب الإنسان عندما يفقد رب العائلة !
وبدت القضية شديدة الغموض !
فليس هناك شهود على الحادث الذي تم في ساعة متأخرة من الليل ؟
والمجني عليه أصيب بطلقة واحدة في رأسه أدت إلى مصرعه !
وقد وقعت الجريمة في شارع خال ، وبدا أن الجاني كان دقيقا وهو يعد لكل شيء عدته !
ولم تسفر تحريات الشرطة عن الكشف عن أعداء القتيل ، بل بدا عند السؤال عنه أنه "رجل طيب" ، وليس له عداءات قائمة !
ولكن الجديد الذي كشفه البحث عن حياته أنه تزوج على امرأته !!
وهي قد طلبت الطلاق ، لكنه رفض !
وبسؤال الإبن من جديد أنكر وجود آية خلافات عائلية بسبب هذا الموضوع !
وأكد أن والده كان عادلاً في توزيع وقته بين بيته وزوجته الجديدة ، بدليل أنه لقي مصرعه بالقرب من منزله !!
ولاحظ المستشار "عادل الشوربجي" أن الشاب الذي فقد أبيه أعصابه باردة ، ولم يذرف دمعة عليه ! مع أن والده مات قبل أيام قليلة ، بينما الحزن لا يفارق المحقق الذي مات أبيه منذ سنوات ولذلك لم يسترح لهذا "الولد" !
وشعر أنه يمثل عليه ويحاول إجادة التمثيل حتى لا يرتكب أي خطأ !
فكل إجاباته تنم عن أعصاب حديدية ، وتفكير عقلاني سليم ولا يبدو أن الحادث قد ترك على أعصابه أدنى تأثير .
وبدأ يحاصره بالأسئلة ، وأخذ في التضييق عليه وهو يستجوبه !
وثبت أن شكه في محله !
فقد أراد الإبن الزواج من فتاة ، لكن الأب رفض لأنها سيئة السمعة!
وثارت ثائرة الشاب على والده ، وفكر في التخلص منه !
إلا أن المفاجأة الكبرى في هذه القضية كان موقف الأم !
فقد ثبت أنها كانت على علم بما حدث ، وأنها باركته !
بل وشجعت عليه بأن أعطت الإبن نقودا لشراء السلاح المستخدم في الحادث.
وتم القبض عليها !
وأصدر المستشار "عادل الشوربجي" قرار بحبس الإبن ، إلا إنه أفرج عن الأم لظروف إنسانية خاصة جداً ، فسجنها يعني ضياع بناتها التي ترعاهم الأصغر سناً من شقيقهم القاتل !!
وعندما تم تقديم القضية إلى محكمة الجنايات أصدر القضاء حكماً ضد الإبن بحبسه خمسة عشر سنة !
بينما راعت ظروف الأم وبناتها فكان الحكم الصادر بشأنها مخففا للغاية.
