محمد سعيد يكتب.. نمبر ون والعُري الثقافي
أنا حواتزامنا مع انتشار الجريمة والعنف في الآونة الأخيرة، لا تزال الاتهامات من نصيب السينما وما يقدمه أبطال الأعمال التي تظهر العنف والبلطجة، وكيف أثروا على المجتمع بشكل عام، والمراهقين بشكل خاص، بداية من "عبده موته" مرورًا بـ "الألمانى" وما إلى ذلك، وما شابه من انتساخ واتساخ دون وعي وثقافة وتقليد أعمى لفنان يدعى أنه "نمبر ون".
نعم "نمبر ون" في الخيانة الزوجية والاغتصاب والمخدرات والعنف والبلطجة الشعبية كنوع من أنواع "ملوك الجدعنة"، الذين يمارسوا كل طرق العنف للدلالة على القوة والشجاعة، والخطورة أن ذلك أمر يحث الناس على الشعور بالفخر واتخاذ هؤلاء الأبطال كقدوة لهم، وكأن "إبراهيم الأبيض" جزءًا أصيلًا من شخصية وثقافة الإنسان المصري المعاصر، ناهيك عن "القشاش" و"النبطشي" وغيره من العٌري الثقافي الذي ينتقل على شاشة التلفاز الذى بمثابة مٌربي للأجيال وباعث للثقافة والرقى، ومعبر حقيقي عن ثقافة ووعى مجتمع بأسره.
لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الكبير الذي تلعبه الشاشة المصرية في ثقافة المواطنين وتوعيتهم ضد القضايا المتداولة والعادات الخاطئة الموروثة، ورغم ذلك فإنها تمارس دورها خطأ ولا بد من مُحاسبتها على ذلك، فلا يليق بالمتلقي المصري سماع الألفاظ البذيئة شبيه "عليا الحرام من ديني" ليتم تداولها بين الأطفال والمواطنين في الشوارع، بحيث تُصبح ثقافة ويصبح الحديث الدارج بيننا عبارة عن كوبليه شبيه "هشرب خمور وحشيش".
بعيدًا عن مذبحة الإسماعيلية ومحمود البنا وتقى "عروس بنها" وغيرهم، نحن نعيش فى مستنقع من وباء وفساد المنظومة الإعلامية برمتها، من دمار وتهميش لدور التليفزيون المصري الذى لطالما كان نبراسًا للفن فى الوطن العربي، ويؤسفني أن أقول "كان"، مرورًا بتقسيم كعكة صناعة الميديا على مجموعة بعينها وكأننا فى زمن "السادة والعبيد" وإن خرجت عن سمعًا وطاعة لأصبحت "منبوز"، لابد من وقفة رقابية حاسمة لإيقاف زحف الدمار الثقافى والوعي المجتمعي الذى كرس عدد كبير من السادة الأفاضل صناع الدراما والسينما جهودهم من أجلها وكأنها هي مصدر الأموال الوحيد فى اعتراف واضح فأن هناك "عقم تفكيرى" لا يليق بحضارة دولة مصدرة للثقافة والعلم.
هذه ليست مصر يا سادة الذي قضت على الفكر الإرهابي المتطرف، لا يليق بنا الأعمال الفنية التى تسئ للدولة المصرية، ولا يستحق أن تعرض على شاشات القنوات الفضائية والمصرية لتحريضها على العنف والبلطجة وتدمير الشباب، ويجب أن يعى الجميع أهمية وتأثير القوة الناعمة لما لها من إبهار وبريق في جذب المشاهد والسيطرة على عقله في بعض الأحيان وخاصة صغار السن، لذلك يجب أن تكرس وتوجه لتحسين الذوق العام وكفى انتشار وتبعثر لـ "عبده موته".