د وفاء كمالو تكتب : مسلسل موسى ..السقوط الأسوأ لجماليات الدراما
أنا حوايأتي مسلسل موسى كتجربة بالغة السوء والتواضع , استباحت الوعي والإدراك , فقدت الروح والوهج وشرعية الانتماء للفن , غابت عنها الأصول المبدئية للدراما وفلسفة الطرح وحرارة التواصل , حيث التكريس المعلن لتيارات الزيف والعبث والخلط والعشوائية , والتصعيد المستفز للخسائر الفنية والفكرية والثقافية , لنصبح أمام تيارات من الإسفاف والركاكة والعبث بالتراث الشعبي وتزييف التاريخ والاستهانة بقضايا الواقع وعقول الناس .
هذا المسلسل من إنتاج سينرجي , عرض على قناة dmc ضمن دراما رمضان 2021 , وهو من تأليف ناصر عبد الرحمن , ومن إخراج محمد سلامة , والبطولة لمحمد رمضان الذي فقد الكثير من نجوميته وحضوره وبريقه , وشاركه الفنانون سمية الخشاب , صبري فواز , رياض الخولي , مفيد عاشور , سيد رجب , عبير صبري , هبة مجدي , محمد ريحان وغيرهم , ويذكر أن المسلسل قد اتجه بلا وعي نحو تيارات العنف والبلطجة والدم والموت والحرق والقتل والتدمير والتفجير , تلك الرؤى السائدة بقوة في الدراما المصرية مؤخرا , والتي تكرس لقيم مغايرة ومفاهيم شاذة تتنافى مع رسالة الفن باعتباره القوة الناعمة الذكية الباحثة عن الوعي والمستقبل والجمال .
كتب المؤلف نصا مفككا عبثيا دمويا ضعيفا مخيبا لتوقعات الصعود , رسم به ملامح سقوط كل الأحلام عبر الموت الدموي القاسي لكل أبطال العمل, دون إدراك لدلالة المصادرة على نبضات الإرادة والحياة , ورغم أنه من الكتاب الذين حققوا بصمات متميزة ووجودا مبشرا , اشتبك فيه مع أكثر القضايا الاجتماعية والسياسية الشائكة , مثل ما حدث في أفلام هي فوضى , حين ميسرة , دكان شحاتة , كف القمر , جنينة الأسماك , والمسلسل التليفزيوني جبل الحلال , إلا أنه يتعثر بشكل ملحوظ في مسلسل موسى , الذي يرتكز على شخصية تصورها ملحمية , رسم ملامحها بأسلوب الكولاج , عبر المزج العشوائي الخشن بين شخصيات من التراث الشعبي تمتلك حرارة وجودها ودلالات أفعالها , ومبررات حضورها , مثل خط الصعيد , أدهم الشرقاوي , شفيقة ومتولي , وفي هذا الإطار جاء البناء الدرامي مفتقدا لتماسكه وروحه وبصماته الخاصة , وكان مسكونا بالمغالطات والأخطاء التاريخية , التي أفسدت التجربة , وفجرت في أعماقها تيارات عنيفة من الطاقة السلبية المنفرة , والعلاقات المتوترة , والاختيارات الخاطئة للممثلين , والأداء المفتعل , والتوازن المفتقد , فهناك بعض الخطوط الدرامية جاءت ممتلكة لحضورها , وأخرى افتقدت كل المعنى والوهج , أما أدبيات ومفاهيم الثأر في الصعيد فقد خرجت عن سياقها , فمن المعروف أن الثأر لا يؤخذ من الرجال الذين تجاوزوا التسعين , ولا من النساء والأطفال , كما فعل العمدة شداد حين قتل الجد العجوز صالحين , ثم موسي وزوجته وأطفاله , في مشهد وحشي غزير الدلالات يؤكد حتمية الردة والسقوط والغياب .
كتب المؤلف على حسابه الشخصي في الفيسبوك , وأكد في العديد من حواراته الصحفية , أن مسلسل موسى يمثل بالنسبة له حلما مؤجلا منذ سنوات طويلة , تحقق هذا العام ,
, فقد وقع في غرام هذه القصة , التي جاءت على صلة وثيقة بأجداده الكبار , الذين نزلوا على الصندل من الجنوب إلى الشمال , بنفس الطريقة التي شاهدناها في المسلسل , وفي سياق متصل يؤكد المؤلف أن هذه الفترة الزمنية مشحونة بالأحداث الكبرى , مثل الحرب العالمية الثانية التي غيرت مسار الوجود الإنساني في العالم كله , شهدت انتشار وباء الكوليرا الذي يشتبك بقوة مع كورونا الحالية والكوفيد 19 , بالإضافة إلى الأحداث المحلية في مصر مثل حريق القاهرة الذي نفذه الإخوان المسلمون , وكيفية مواجهة الشعب له ورغبته في تجاوز تلك المحنة .
إذا كانت الفترة الزمنية التي يدور حولها مسلسل موسى تتشابه مع وقائع وجودنا الحالي من حيث قسوة الأزمات والبحث عن مسارات الوصول إلى واقع أفضل , فإن التجربة قد عجزت تماما عن رسم ملامح أزمة الكوليرا , التي تبلورت في مشهد سريع اقتصر على القرية البعيدة في الصعيد , ولم نلمح لها أي أثر في مكان آخر من مصر , أما فلسفة تجربة موسى في الخروج من أزمات واقعه , فقد جاءت لتضعنا في مواجهة المستحيل عبر النفي القاطع المخيف لكل محاولات البحث عن المستقبل وامتلاك الذات , تلك الحالة التي تمتد دلاليا إلى عمق واقعنا الحالي والتي تجسدت جماليا من خلال النهاية المفزعة , التي شهدت إعلان الموت الناري القاسي على الجميع , لنصبح أمام دلالة فكرية مدمرة تتنافى مع مؤشرات ما يجب أن يكون .
يرى المؤلف أن موسي هو بطل ملحمي , يشبه قبطان السفينة الذي أبحر بها من الجنوب إلى الشمال , وتعرض لصعوبات بالغة وأحداث شاهقة , إلا أن الوقائع الفنية الفعلية التي شاهدناها تواجهنا بحقيقة مغايرة , فلم نشعر أن موسى فارسا ثائرا وعاشقا شاعرا , في قلبه عذاب مخيف , لذلك لم نتعاطف أو نتوحد معه , لأن الشخصية افتقدت المصداقية الدرامية والفنية والثراء الإنساني , ويذكر أن الحلقات قد شهدت العديد من المشاهد الخبيثة , التي أثارت ردود فعل عكسية رافضة , مثل مشهد إسماعيل ياسين , الذي لا يمثل وجوده أي ضرورة فنية سوى تشويه صورة رمز فني كبير بأسلوب صبياني سخيف , وفي سياق متصل شهدت الحلقات استغراقا واضحا في التفاصيل المملة التي تنتهك حرمة الفن والجمال , حيث شاهدنا تجربة موسى وهو يرتدي الحذاء لأول مرة , واتجهت رؤية المخرج إلى توظيف عدسة الزوم على قدمي الشاب الساذج , لتصبح رجليه في مواجهة عيون الجمهور , تلك الحركة السوقية المرفوضة تماما في الثقافة العربية والتي كان من الممكن صياغاتها بأسلوب أكثر تهذيبا .
كان مسلسل موسى فرصة لميلاد المخرج الواعد الموهوب أحمد سلامة , الذي يمتلك لغة سينمائية مدهشة بالدرجة الأولى , حسه الجمالي مرهف ومتميز , كما شاهدنا مثلا في تشكيل حادثة مقتل شهاب باشا , الذي سقط على أوراق الورد , الكادراج بشكل عام يموج بالحضور والحيوية , زوايا الكاميرا تكشف عن حرفية واضحة , والحركة داخل المشاهد تبدو حيوية ناعمة ولافتة , ولكن الإضاءة في كثير من الحلقات افتقدت دورها الجمالي المطلوب , فمشاهد الظلام يجب أن تكون مضيئة بشكل نرى معه تفاصيل الأحداث والشخصيات , ويذكر أن منظور رؤية أحمد سلامة يشتبك بقوة مع لمسات محمد خان , وعالم عاطف الطيب , وملامح داود عبد السيد .
تدور الأحداث حول الشاب موسى الذي يعيش في صعيد مصر , يحاصره الفقر والتسلط وتقاليد الثأر , كان يعشق الشابة الجميلة الثرية وأراد أن يتزوجها , فرفض أهلها وزوجوها شقيق العمدة , وفي ليلة الزفاف يندفع موسى ويقتل الزوج الشاب , فتتغير حياته ويصبح من مطاريد الجبل , وهناك تتفجر في أعماقه ثورة على الظلم والاستبداد , سرق ليعطي الفقراء والضعفاء , رفع السلاح في وجه الإنجليز وظل يحارب السلطة حتى أصدر الحاكم الإنجليزي قرارا بإعدامه وإعدام كل من يتستر عليه , وهكذا يفقد موسى حبيبته ثم أمه وينطلق إلى رحلته الصعبة , وفي القاهرة يعمل في السوق مع المعلم وهبة , يسافر إلى غزة للشراء والتهريب ومواجهة الحياة , أثار غيرة الكبار وأحبه الصغار , عشقته حلاوتهم المرأة الناضجة فتزوجها وأنجبت له أربعة توائم , أسماء المواليد تحمل فيضا من الدلالات , فهم مريم , عيسى , هارون ويحيي , أما جده التقي العجوز فقد أنجبت زوجته وهو في التسعين , إيقاع المسلسل يفتقد الحرارة والتصاعد في الكثير من الحلقات التي تغيب عنها الأحداث وتتوه في تيارات التفاصيل والمطاردات , الخط الدرامي لشفيقة أخت موسى , التي اتهمها زوجها بالزنا ظلما فهربت من جحيم وجودها إلى القاهرة - , يضع موسى في سياق شخصية متولي الباحث عن قتل أخته ثأرا للشرف , امتداد أحداث حياتها يمثل مسارا متميزا في المسلسل , حيث تتزوج من الباشا الأرمني المثقف الأنيق , المسكون بالعذابات النفسية وبعشق أمه بجنون , وفي حريق القاهرة تموت زوجة موسى فيتزوج من صديقتها الأجنبية لتهتم بأطفاله الأربعة , وحين يقرر العودة إلى قريته هو وأخته وأبنائه , يعترف زوج شفيقة السابق ببراءتها , وتمتد التفاصيل لتصل إلى اللحظة الفاصلة , حيث يندفع العمدة شداد ليفجر موسى وعائلته ويحرقهم جميعا ثأرا لأخيه , وفي إطار تلك اللحظة نصبح أمام اعتراف صريح بموت الوعي والفكر وسقوط مفاهيم الدراما , وإذا كان المؤلف ناصر عبد الرحمن , قد حقق أحلامه في ميلاد مسلسل موسى , عبر الميزانية الضخمة , والنجوم اللامعة والإنتاج السخي , ومواقع التصوير المتعددة , إلا أنه قد عجز تماما عن التفاعل مع الجمهور عبر أحداث الملحمة الموهومة المختلة .
⇧
هذا المسلسل من إنتاج سينرجي , عرض على قناة dmc ضمن دراما رمضان 2021 , وهو من تأليف ناصر عبد الرحمن , ومن إخراج محمد سلامة , والبطولة لمحمد رمضان الذي فقد الكثير من نجوميته وحضوره وبريقه , وشاركه الفنانون سمية الخشاب , صبري فواز , رياض الخولي , مفيد عاشور , سيد رجب , عبير صبري , هبة مجدي , محمد ريحان وغيرهم , ويذكر أن المسلسل قد اتجه بلا وعي نحو تيارات العنف والبلطجة والدم والموت والحرق والقتل والتدمير والتفجير , تلك الرؤى السائدة بقوة في الدراما المصرية مؤخرا , والتي تكرس لقيم مغايرة ومفاهيم شاذة تتنافى مع رسالة الفن باعتباره القوة الناعمة الذكية الباحثة عن الوعي والمستقبل والجمال .
كتب المؤلف نصا مفككا عبثيا دمويا ضعيفا مخيبا لتوقعات الصعود , رسم به ملامح سقوط كل الأحلام عبر الموت الدموي القاسي لكل أبطال العمل, دون إدراك لدلالة المصادرة على نبضات الإرادة والحياة , ورغم أنه من الكتاب الذين حققوا بصمات متميزة ووجودا مبشرا , اشتبك فيه مع أكثر القضايا الاجتماعية والسياسية الشائكة , مثل ما حدث في أفلام هي فوضى , حين ميسرة , دكان شحاتة , كف القمر , جنينة الأسماك , والمسلسل التليفزيوني جبل الحلال , إلا أنه يتعثر بشكل ملحوظ في مسلسل موسى , الذي يرتكز على شخصية تصورها ملحمية , رسم ملامحها بأسلوب الكولاج , عبر المزج العشوائي الخشن بين شخصيات من التراث الشعبي تمتلك حرارة وجودها ودلالات أفعالها , ومبررات حضورها , مثل خط الصعيد , أدهم الشرقاوي , شفيقة ومتولي , وفي هذا الإطار جاء البناء الدرامي مفتقدا لتماسكه وروحه وبصماته الخاصة , وكان مسكونا بالمغالطات والأخطاء التاريخية , التي أفسدت التجربة , وفجرت في أعماقها تيارات عنيفة من الطاقة السلبية المنفرة , والعلاقات المتوترة , والاختيارات الخاطئة للممثلين , والأداء المفتعل , والتوازن المفتقد , فهناك بعض الخطوط الدرامية جاءت ممتلكة لحضورها , وأخرى افتقدت كل المعنى والوهج , أما أدبيات ومفاهيم الثأر في الصعيد فقد خرجت عن سياقها , فمن المعروف أن الثأر لا يؤخذ من الرجال الذين تجاوزوا التسعين , ولا من النساء والأطفال , كما فعل العمدة شداد حين قتل الجد العجوز صالحين , ثم موسي وزوجته وأطفاله , في مشهد وحشي غزير الدلالات يؤكد حتمية الردة والسقوط والغياب .
كتب المؤلف على حسابه الشخصي في الفيسبوك , وأكد في العديد من حواراته الصحفية , أن مسلسل موسى يمثل بالنسبة له حلما مؤجلا منذ سنوات طويلة , تحقق هذا العام ,
, فقد وقع في غرام هذه القصة , التي جاءت على صلة وثيقة بأجداده الكبار , الذين نزلوا على الصندل من الجنوب إلى الشمال , بنفس الطريقة التي شاهدناها في المسلسل , وفي سياق متصل يؤكد المؤلف أن هذه الفترة الزمنية مشحونة بالأحداث الكبرى , مثل الحرب العالمية الثانية التي غيرت مسار الوجود الإنساني في العالم كله , شهدت انتشار وباء الكوليرا الذي يشتبك بقوة مع كورونا الحالية والكوفيد 19 , بالإضافة إلى الأحداث المحلية في مصر مثل حريق القاهرة الذي نفذه الإخوان المسلمون , وكيفية مواجهة الشعب له ورغبته في تجاوز تلك المحنة .
إذا كانت الفترة الزمنية التي يدور حولها مسلسل موسى تتشابه مع وقائع وجودنا الحالي من حيث قسوة الأزمات والبحث عن مسارات الوصول إلى واقع أفضل , فإن التجربة قد عجزت تماما عن رسم ملامح أزمة الكوليرا , التي تبلورت في مشهد سريع اقتصر على القرية البعيدة في الصعيد , ولم نلمح لها أي أثر في مكان آخر من مصر , أما فلسفة تجربة موسى في الخروج من أزمات واقعه , فقد جاءت لتضعنا في مواجهة المستحيل عبر النفي القاطع المخيف لكل محاولات البحث عن المستقبل وامتلاك الذات , تلك الحالة التي تمتد دلاليا إلى عمق واقعنا الحالي والتي تجسدت جماليا من خلال النهاية المفزعة , التي شهدت إعلان الموت الناري القاسي على الجميع , لنصبح أمام دلالة فكرية مدمرة تتنافى مع مؤشرات ما يجب أن يكون .
يرى المؤلف أن موسي هو بطل ملحمي , يشبه قبطان السفينة الذي أبحر بها من الجنوب إلى الشمال , وتعرض لصعوبات بالغة وأحداث شاهقة , إلا أن الوقائع الفنية الفعلية التي شاهدناها تواجهنا بحقيقة مغايرة , فلم نشعر أن موسى فارسا ثائرا وعاشقا شاعرا , في قلبه عذاب مخيف , لذلك لم نتعاطف أو نتوحد معه , لأن الشخصية افتقدت المصداقية الدرامية والفنية والثراء الإنساني , ويذكر أن الحلقات قد شهدت العديد من المشاهد الخبيثة , التي أثارت ردود فعل عكسية رافضة , مثل مشهد إسماعيل ياسين , الذي لا يمثل وجوده أي ضرورة فنية سوى تشويه صورة رمز فني كبير بأسلوب صبياني سخيف , وفي سياق متصل شهدت الحلقات استغراقا واضحا في التفاصيل المملة التي تنتهك حرمة الفن والجمال , حيث شاهدنا تجربة موسى وهو يرتدي الحذاء لأول مرة , واتجهت رؤية المخرج إلى توظيف عدسة الزوم على قدمي الشاب الساذج , لتصبح رجليه في مواجهة عيون الجمهور , تلك الحركة السوقية المرفوضة تماما في الثقافة العربية والتي كان من الممكن صياغاتها بأسلوب أكثر تهذيبا .
كان مسلسل موسى فرصة لميلاد المخرج الواعد الموهوب أحمد سلامة , الذي يمتلك لغة سينمائية مدهشة بالدرجة الأولى , حسه الجمالي مرهف ومتميز , كما شاهدنا مثلا في تشكيل حادثة مقتل شهاب باشا , الذي سقط على أوراق الورد , الكادراج بشكل عام يموج بالحضور والحيوية , زوايا الكاميرا تكشف عن حرفية واضحة , والحركة داخل المشاهد تبدو حيوية ناعمة ولافتة , ولكن الإضاءة في كثير من الحلقات افتقدت دورها الجمالي المطلوب , فمشاهد الظلام يجب أن تكون مضيئة بشكل نرى معه تفاصيل الأحداث والشخصيات , ويذكر أن منظور رؤية أحمد سلامة يشتبك بقوة مع لمسات محمد خان , وعالم عاطف الطيب , وملامح داود عبد السيد .
تدور الأحداث حول الشاب موسى الذي يعيش في صعيد مصر , يحاصره الفقر والتسلط وتقاليد الثأر , كان يعشق الشابة الجميلة الثرية وأراد أن يتزوجها , فرفض أهلها وزوجوها شقيق العمدة , وفي ليلة الزفاف يندفع موسى ويقتل الزوج الشاب , فتتغير حياته ويصبح من مطاريد الجبل , وهناك تتفجر في أعماقه ثورة على الظلم والاستبداد , سرق ليعطي الفقراء والضعفاء , رفع السلاح في وجه الإنجليز وظل يحارب السلطة حتى أصدر الحاكم الإنجليزي قرارا بإعدامه وإعدام كل من يتستر عليه , وهكذا يفقد موسى حبيبته ثم أمه وينطلق إلى رحلته الصعبة , وفي القاهرة يعمل في السوق مع المعلم وهبة , يسافر إلى غزة للشراء والتهريب ومواجهة الحياة , أثار غيرة الكبار وأحبه الصغار , عشقته حلاوتهم المرأة الناضجة فتزوجها وأنجبت له أربعة توائم , أسماء المواليد تحمل فيضا من الدلالات , فهم مريم , عيسى , هارون ويحيي , أما جده التقي العجوز فقد أنجبت زوجته وهو في التسعين , إيقاع المسلسل يفتقد الحرارة والتصاعد في الكثير من الحلقات التي تغيب عنها الأحداث وتتوه في تيارات التفاصيل والمطاردات , الخط الدرامي لشفيقة أخت موسى , التي اتهمها زوجها بالزنا ظلما فهربت من جحيم وجودها إلى القاهرة - , يضع موسى في سياق شخصية متولي الباحث عن قتل أخته ثأرا للشرف , امتداد أحداث حياتها يمثل مسارا متميزا في المسلسل , حيث تتزوج من الباشا الأرمني المثقف الأنيق , المسكون بالعذابات النفسية وبعشق أمه بجنون , وفي حريق القاهرة تموت زوجة موسى فيتزوج من صديقتها الأجنبية لتهتم بأطفاله الأربعة , وحين يقرر العودة إلى قريته هو وأخته وأبنائه , يعترف زوج شفيقة السابق ببراءتها , وتمتد التفاصيل لتصل إلى اللحظة الفاصلة , حيث يندفع العمدة شداد ليفجر موسى وعائلته ويحرقهم جميعا ثأرا لأخيه , وفي إطار تلك اللحظة نصبح أمام اعتراف صريح بموت الوعي والفكر وسقوط مفاهيم الدراما , وإذا كان المؤلف ناصر عبد الرحمن , قد حقق أحلامه في ميلاد مسلسل موسى , عبر الميزانية الضخمة , والنجوم اللامعة والإنتاج السخي , ومواقع التصوير المتعددة , إلا أنه قد عجز تماما عن التفاعل مع الجمهور عبر أحداث الملحمة الموهومة المختلة .