نانسي ابراهيم تكتب: التغيير في المشاعر باختلاف الظرف
ستندهش من كم التغيير الذى تجلبه الحياة عليك و لك ... ستندهش كيف يتغير الأشخاص معك ، وكيف يتغيرون عليك ، وكيف يتغيرون بك ، وكيف تغيرهم ، وكيف يغيرونك .
لا شيىء دائم فى هذة الحياة ، لو كانت أبدية لكان التغيير فيها أقل حدة ، وأخف وطأة ، لكن التغيير سريع ، ومتلاحق ، وحاد ، لا مفهوم ، وغير مبرر ، لا أشخاص باقون ، ولا أشياء دائمة ، ولا وعود أبدية .
يتغير الشخص عليك ... لأنه لم يكن حقيقى معك من البداية ، أو لأنه اكتشف ان أحلامه لن تتحقق معك وبك ، وإنك مضيعة لوقته وجهده ومشاعره ، أو لأنه شخص متحول مخلص لأهدافه فقط ، لكنه ليس مخلصاً لك أو لغيرك ، ويسير فى هذة الحياة وفق أجندة أو وفق جدول زمنى لا يعرف الخطأ .
ويتغير الشخص معك ... فى اثنتين ؛
الأولى : للأفضل ، والانجح ، والأرقى ، والأجمل ، والأكثر سعادة لأنك أعدت إحياؤه من عدم ، واكتشفت السحر الكامن بداخله ، ووضعت يدك على موطن قوته ، وعرفته على مصدر روعته .
والثانية : يتغير معك ببساطة لأنه وجد عنك .. البديل .
ويتغيرون بك ... فيصيرون أكثر بهاءا ، وأعظم قدرا ، وأكثر حلما فيأخذون من إشعاعك ، ويضيفون عليه إشعاع بإشعاع ، فيكونون الأفضل ، ويكملونك ، ويكتملون بك ، فيكونون هم العقد فى جيدك وتكون انت واسطته ، وجوهرته ، ومصدر جاذبيه .
وفى وقت من الأوقات ستدرك كيف ساهمت انت بقصد أو بدون قصد فى تغيير من ... أمامك فصار يحبك بعد كراهية ، أو صار مدبرا منك وليس مقبلا عليك ، فلا اهتمامك الزائد أو مشاعرك الفياضة ضمانة لبقاء أشخاص ، ولا معاملتك السيئة الباردة قد تكون سبباً فى الرحيل أيضا ، فكلما زاد الاهتمام .. قل الشعف عند البعض ، فى حين كلما تباعدت الايام وكبرت المسافات .. زاد الاشتياق عند آخرين ، وقد يصيبك أنت البعد بالزهد ، والملل ، وفقدان الرغبة .
حتى نظرتك للحياة ستتغير ... بتغير الظرف ، واختلاف الأزمان ، وتبدل الأماكن ، واختلاف الأشخاص ... ففى نفس المشهد أو الموقف قد تتغير ردة فعلك فى كل مرة لدرجة حقا ستدهشك .
وستدرك فى النهاية كم يستطيع البشر أن يغيرونك ... فبعد أن كنت لا تطيق الفراق أصبحت طالبا له ، وبعد أن كان قلبك يشتعل بالشوق أصبح ساكنا باردا كالثلج ، وبعد لحظات الفرح ونوبات الضحك تحولت أنت للبكاء الذى أوصلك لحالة من حالات التبلد والبرود وفقدان الشعف ... وأصبح الكل عندك سواء ، وأصبحت تأثيرات كل الأشياء عليك سواسية ، فلا هم أعمق عندك ، ولا فرح أكبر ، ولا فرحة قصيرة دائمة لأنك أدركت تماما أنها راحلة .
فى النهاية ستدرك أنها حياة ... وغدا سيشرق يوم جديد بعد ظلمة الليل وانتصاف السماء بالقمر ، ليتبعه يوم آخر يليه ليل جديد ... وستستمر الحياة فى التغيير ، والبشر فى التبلد بلا توقف أو هوادة أو ثبات .
فالتغيير ... سنة الحياة ، فإذا اعترضت على هذا التغيير وأعلنت عصيانك ، وبقيت فى مكانك ، ثابتا على موقفك ، متمسكا بقراراتك ، ومتشحا بمشاعرك فقبل أن يغمض لك جفن ستصاب أنت بالتغيير الذى كنت رافضا له .
فسبحان مقلب القلوب، ومغير الأحوال، ومبدل النفوس، ومبدد المشاعر، وصانع التغيير، ومحرك الساكن، ومجدد الجامد ... فالتغيير باق ببقاء الزمن فى المواقف والأحداث والازمنة .